الشّيخ محمود بَعْيون الرّنكوسي
الشّيخ محمود بَعْيون الرّنكوسي
العالم العامل
1331-1405هـ = 1912-1985م
الاسم والولادة:
محمود بن قاسم بن ضاهر بَعْيون، الرّنكوسي، ثمّ الدّمشقي، ولد في رنكوس بقرب دمشق سنة 1331هـ/1912م وبعد سنتان توفّيت والدته رحمها الله تعالى فاعتنى به والده أشدّ الاعتناء.
نشأته العلميّة:
نشأ بحجر والده الشّيخ قاسم الّذي كان صالحاً مشهوراً في منطقته، فقرأ عليه القرآن الكريم، وقد أتمّ حفظ القرآن الكريم وهو ابن ستّ سنوات، ثمّ رحل إلى دمشق عندما بلغ الثّانية عشرة، ونزل بمدرسة دار الحديث لحضور دروس الشّيخ بدر الدين الحسني، وسبب ذلك أنّ الشّيخ (غنّام الرّنكوسي) رحمه الله -وكان تلميذاً للشّيخ (عبد القادر القصّاب) كان يحثّ والد الشّيخ (محمود) الشّيخ (قاسم) على أن يذهب إلى دمشق ويطلب العلم على يد الشّيخ المحدث الأكبر (بدرالدّين الحسني)، فأراد الشّيخ قاسم الذّهاب للدّراسة عنده، وأثناء كلامه في ذلك قال له ولده: قد يكونمن الأفضل أن أذهب أنا، فسأله والده: لماذا؟ فأجاب: لأنّي صغير، وإنّ ذاكرتي أقوى، فسُرّ والدُه وأخذه بنفسه إلى الشّيخ بدر الدّين بدار الحديث.
مشايخه:
-
والده الشّيخ قاسم.
-
الشّيخ بدر الدّين الحسني حيث لازمه عشر سنوات لا ينقطع عنه لا في سفر ولا في حضر، يقتبس من معين إخلاصه وعلمه وأدبه.
-
الشّيخ مصطفى الشّطّي فقد قرأ عليه علم الفرائض وأجازه بذلك.
-
الشيخ محمود العطّار: قرأ عليه أصول الفقه والفقه الحنفي وشرح الشاطبيّة في القراءات السّبع وعلم الأدب.
-
الشيخ محمّد قطب: قرأ عليه القرآن الكريم وأحكام التّجويد.
-
وكان يقرأ على بعض العلماء الّذين يتردّدون إلى مدرسة الحديث كالشّيخ طه
المكتبي والشيّخ محمّد رفيق السّباعي وغيرهما.
-
الشّيخ أبو الخير الميداني: هذا الشّيخ الّذي لازمه خمسة وثلاثين عاماً قرأ خلالها علوماً شتّى، وكان سبب التزامه عنده أنّ الشّيخ (محمود) بعد سنتين من جلوسه في دار الحديث جاءه رجل من بلدة حمص اسمه أبو النّصر خلف وكان الشّيخ (محمود) يحفظ ألفيّة ابن مالك-فسأل الرّجل الشّيخ (محمود): ماذا تحفظ؟ فأجابه: ألفيّة ابن مالك. فقال له: كيف تعرب ( زيدٌ كريم ٍ)؟ فأجابه الشّيخ (محمود): الصّواب ( زيدٌ كريمٌ ) لأنّها مبتدأ وخبر. فقال له الشّيخ أبو النّصر خلف: تصحّ ( زيدٌ كريم ٍ) لأنّ إعراب زيد ـ مبتدأ، والكاف حرف جر وتشبيه بمعنى مثل وهي الخبر، والرّيم اسم للغزال، فصار المعنى: زيد مثل الغزال، ثمّ قال له الشّيخ أبو النّصر خلف: سأدلّك على أستاذ ليس له نظير على وجه الأرض في تعليم اللّغة العربيّة! اسمه الشّيخ (أبو الخير الميداني) وهو يدرّس في جامع التّوبة، اذهب إليه والتزم درسه؛ فانتقل الشّيخ محمود إليه في جامع التّوبة، بعدما استأذن شيخه المحدّث الأكبر وأذن له فكان يذهب للشّيخ أبي الخير ليحضر دروسه، وكان لا ينقطع أبداً عن دورس الشّيخ بدر الدّين الحسني.
تلاميذه:
يتعذّر على الإنسان إحصاء مشاهيرهم فضلاً عن جميعهم، ونذكر منهم: الشيخ محمّد الفاتح المكّي الكتّاني، وتاج الدّين مكّي الكتّاني، والسيّد مصطفى الصّواف والشيخ حسين حسن صعبيّة وغيرهم كثير.
أعماله:
-
ساهم في تأسيس جمعيّة الأخوّة الخيرية في رنكوس عام 1946م.
-
عُيّن مدرّساً دينيّاً عام 1963م، ودرّس في مساجد عديدة منها جامع السوق العتيق وكان إماماً فيه أيضاً، وجامع التّوبة، وجامع يلبغا، والجامع الأموي.
-
درّس في الكلية الشّرعية وفي المدرسة الكاملية، والكلّيّة الوطنية الشّرعيّة، وفي مدرسة دار الحديث التّي قام بتجديدها وكان يترأسها.
-
كان عضواً في رابطة العلماء.
مؤلفاته:
ألّف بعض الرّسائل منها:
-
الدّرر اللّؤلؤيّة في النّعوت البدرية (في ترجمة الشّيخ بدر الدّين الحسني).
-
القضاء الرّبّاني بوفاة الشّيخ أبي الخير الميداني.
-
المعرفة الحقيقية لدار الحديث الأشرفيّة.
-
فيض الوهّاب في موافقات سيّدنا عمر بن الخطّاب.
علمه:
كان الشّيخ ذو علم كبير، وممّا يدلّ على سعة علمه:
-
من طريف ما يذكر عنه أنّه كان لديه مكتبة عظيمة، فأهدي إليه كتاب(المصنّف) لعبد الرزّاق الصّنعاني، وهذا الكتاب أحد عشر مجلّداً، فقال أحد طلّابه: هل تأذن لي أن أضع هذا الكتاب في مكتبتكم؟ فقال الشّيخ: لا أحبّ أن أضع كتاباً في المكتبة حتّى أطالعه، فسأله طالبه باستغراب: وهل قرأت كلّ هذه الكتب!؟ فقال الشّيخ: قرأتها أكثر من مرّة.
-
سأله مرّة أحد طلّابه فقال: يا مولانا هل تطالع الدّرس قبل تقريره؟ قال: يا بني أنا أطالع خمسةَ عشرَ مرجعاً قبل قراءة الدّرس.
صفاته:
كان الشّيخ محمود يتمتّع بصفاء كبير، ورأي رشيد، وذكاء فريد، حليماً، محبوباً، محسناً، دائم البشر مبتسماً، متواضعاً، كثير البكاء خشية لله تعالى وتذكّراً لأحبابه، ناضر الوجه، ورعاً، صاحب جود وكرم، بل كان الكرم سجيّة من سجاياه، وفيّاً، بل ضرب المثل بوفائه، ومن أمثلة وفائه: أنّه كان يزور ويصل قريبة لشيخه أبي الخير الميداني الّتي كانت تقيم بمصر، فكان يسافر مع شيخه لزيارتها واستمرّ بعد وفاة شيخه أيضاً بزيارتها وإكرامها وفاء لشيخه.
وفاته:
توفّي يوم الثّلاثاء 12/ رجب/ 1405هـ، الموافق لـ 2/ نيسان/ 1985م، ودفن في مقبرة الدّحداح قرب قبر شيخه رحمهم الله تعالى جميعاً.