فتاوى البيوع والمعاملات المالية

رفع أسعار السلع بشكل فاحشٍ ومُرْهِقٍ على الناس.

بعض التجار يرفعون ثَمَنَ السِّلَعِ بشكلٍ فاحشٍ مُرْهِقٍ على الناس، وخاصة فيما يُحْتَاجُ إليه في الطبابة والغذاء أو صنعِ السلاح كحديد، فهل يجوز أخذُها منه بثَمَنِ مثلِها، ولو لم يَرْضَ صاحبُها، نظراً للحاجة؟



الإجابة:
الأصل في الشريعة الإسلامية أنه لا يجوز أنْ يُـــــــشْـــتَــــــرَى شيءٌ إلا برضى صاحبِه، وبالثَّمَنِ الذي يريده، وهو حرٌّ فيه، لأنه مِلْكُه، وله حَقُّ التصرُّفِ فيه. لكنْ إنْ دَخَلَ ضَرَرٌ على المسلمين نتيجةَ ارتفاعِ السعر، واستغلالِ السُّوق جاز للحاكم أو مَنْ ينوب منابه – لا لعموم المسلمين وآحادهم- أنْ يتدخَّل في ضبط الأسعار، بغية رفع الحرج عن الناس، ومنعِ التجار مِنَ الإضْرارِ بالخَلْق، وإلى ذلك ذهب الحنفية وبعض الحنابلة والمالكية، يقول صاحب الفتاوى الهندية: (ولا يُسَعَّر بالإجماع إلا إذا كان أربابُ الطعامِ يتعدَّون عن القيمة، وعجز القاضي عن صيانةِ حقوقِ المسلمين إلا بالتسعير، فلا بأسَ به بمشورة أهل الرأي والبصر وهو المختار وبه يُفْتَى). وبناءً على هذا ففي حالتنا هنا تقوم الهيئة الشرعية بتشكيل لجنةٍ أو لجانٍ موثوقةٍ خبيرةٍ بالأسواق، فتدرس هذه الحالات وتضبط الأسواق والتسعيرات دون إضرارٍ بالتجار، ولا إضرارٍ بعامَّةِ النّاس، يقول ابن تيمية في كتابه الحسبة: (..فمثل أن يمتنع أرباب السلع مِنْ بيعها مع ضرورة الناس إليها إلا بزيادة على القيمة المعروفة، فهنا يجب عليهم بيعها بقيمة المثل، ولا معنى للتسعير إلا إلزامهم بقيمة المثل، فيجب أنْ يلتزِموا بما ألزمهم الله به). اهـــ والله أعلم.