الشّيخ محمّد أبو الخير المَيْدَاني
الشّيخ محمّد أبو الخير المَيْدَاني
1293-1380هـ = 1875-1961م
العالم الرّبّانيّ الدّاعي إلى الله تعالى بحاله ومقاله
الاسم والولادة:
هو الشّيخ محمّد خير بن محمّد بن حسين بن بكري الميداني، المكنّى بأبي الخير ولد في حي الميدان بدمشق سنة 1293هـ،
ثمّ انتقل مع أسرته إلى حي العقيبة.
نشأته العلميّة:
درس الشّيخ أبو الخير في مدرسة الرّشدية، ثمّ في مدرسة عنبر، ثمّ ذهب إلى استنابول ليكمل دراسته في المدرسة الحربيّة، ثمّ عاد إلى دمشق لإتمام أوراقه، وفي ذلك الحين طلبت منه أمّه أن يذهب إلى الشّيخ سليم المسوتي، ليسأله عن مسألة حصلت لها في بيتها، فلمّا جاء وسأل الشّيخ عن المسألة تفرَّس الشّيخ فيه الصّلاح والذّكاء والانتباه، فرغّبه في العلم الشّرعي، فقال الشّيخ أبو الخير: (إنّ أمّي لا ترضى بذلك)، فذهب الشّيخ سليم وكلّم أمّه فيذلك وبشّرها فقال: (إنّ ابنك هذا سيصبح شيخ علماء الشّام) فاستجابت ورضيت أن يتفرّغ ولدها لدراسة العلم الشّرعي، وكان ذلك سنة 1311هـ.
شيوخه:
أدرك الشّيخ رحمه الله نخبةً ممتازة من الأعلام الجهابذة
- وأوّل شيوخه الشّيخ سليم المسوتي الّذي لازمه ملازمة تامّة ونهل من معين
علمه وخُلُقِه، حتّى قال له الشّيخ سليم: (لم يبق عندي شيء إلّا صار في صدرك)
-
وممّن تأثّر به كثيراً الشّيخ عيسى الكردي، الّذي أخذ عنه العلم والطّريق، ثمّ خلّفه وأجازه، وزوّجه ابنته لحبّه له.
-
ومن مشايخه الشّيخ بكري العطّار والشّيخ محمود العطّار والشّيخ عطا الكسم
والشّيخ عبد الرّحيم دبس وزيت والشّيخ عبد الوهّاب البرهاني والشّيخ أمين سويد والشّيخ عبد الحكيم الأفغاني والشّيخ محمّد
القطب شيخ القرّاء في زمانه.
حياته العلميّة :
كانت حياة الشّيخ زاخرة بالذّكر والعلم، وكان حريصاً على إنماء الرّوح الإسلاميّة في النّفوس والقلوب، ونشر الشّريعة
السّمحاء الغرّاء بينطبقات الأمّة.
وكان مشهوداً له بحسن إلقاء الدّروس وبأسلوبه الفذّ في تعليم الطّلاب وتفهيمهم، وكان يتقن اللّغة التّركيّة، والفارسيّة، والكرديّة، والفرنسيّة، ويلمّ بالإنكليزية. وكان في بعض المناسبات يتطرّق إلى كثير من العلوم كالطّب والفلك وتعبير الرّؤيا والحساب والجبر وعلم الطّبيعة (الفيزياء).
من أعماله:
إضافة إلى تعليمه ودعوته فقد ساهم مع إخوانه العلماء بتشكيل رابطة العلماء في الشّام في عام 1365هـ، وكان المجلس
التأسيسي يضمّ 87 عالماً من دمشق وغيرها، وكان مجلس الرّابطة على الشّكل التّالي:
-
الشّيخ أبو الخير الميداني (رئيساً)
-
الشّيخ مكي الكتّاني (نائباً للرئيس)
-
الشّيخ إبراهيم الغلاييني
-
الشّيخ حسن الشّطي
-
الشّيخ محمد الهاشمي
-
الشّيخ حسن حبنكة
-
الشّيخ أحمد الدّقر
-
الشّيخ أحمد كفتارو
-
الشّيخ صالح فرفور
-
الشّيخ أبو اليسر عابدين
-
الشّيخ عليّ بن الشّيخ عيسى الكردي
-
الأستاذ أحمد مظهر العظمة (عضو الرّابطة وأمين سرّها)
-
الشّيخ حسين خطاب (نائب أمين السّر)
-
الشّيخ لطفي الفيومي
-
الشّيخ محمود الرّنكوسي
-
الشّيخ بهجة البيطار
-
الشّيخ عبد الرّؤوف أبو طوق
من تلاميذه:
أمّا تلاميذه فلا يعلم عددهم إلّا الله تعالى، ونذكر بعضهم على سبيل الإجمال: الشّيخ عبد الوهّاب دبس وزيت والشّيخ سعيد البرهاني والشّيخ لطفي الفيومي والشّيخ أحمد العربيني والشّيخ ياسين الجويجاتي والشّيخ حمدي الأرناؤوط والشّيخ أحمد كفتارو والشّيخ علي الطّنطاوي والشّيخ أنور الشّويكي والشّيخ بكري الطّرابيشي والشّيخ إبراهيم الغلاييني والشّيخ محمود الرّنكوسي.
كراماته:
كرامات الشّيخ رحمه الله كثيرة جداً، ولكنّ الكرامة الحقيقيّة هي: الاستقامة على الشّريعة، فاستقامته على الشّريعة والأدب المحمّدي هي الكرامة العظمى الّتي لا يعادلها كرامة.
صفاته وأخلاقه:
كان الشّيخ مثاليّاً في علمه وأعماله وأخلاقه وتواضعه وأدبه، فقد كان خلقه القرآن الكريم وشمائله السّنة المطهّرة، وكان مقبلاً على العلم والتّعليم والإرشاد، وكان مهاباً، وقوراً، ورعاً، متواضعاً، كريماً، ما رآه أحد إلّا هابه ولم يصاحبه أحد إلّا أحبّه، وكان ممّا يمتاز به حسن الطّاعة الّتي تجلّت بمعاملته لوالدته وشيوخه.
نموذج من يومه:
كان رحمه الله يستيقظ قبل الفجر بساعة ونصف على الأقل فيصلّي النّوافل، ومنها صلاة التّسابيح، وبعد ذلك يمكثُ مستقبلاً القبلة يستغفر الله تعالى حتّى يطلع الفجر، فيصلي الفجر ثمّ يقرأ الأوراد المعهودة، وبعدها يقرأ جزءاً من القرآن الكريم، ثمّ يبدأ بإلقاء الدروس، فيقرأ درساً عامّاً في جامع التّوبة يستمرّ لما بعد طلوع الشمس فيصلّي الضّحى، ثمّ يقرأ دروساً خاصّة بالطّلاب في علوم الحديث والتّفسير والأصول والفقه والمنطق مع جميع تفرّعات العلوم العربيّة وآدابها ومعاجمها كالمزهر، علاوة على علم التّصوّف والأخلاق والسّيرة النّبويّة والتّاريخ والجغرافيا.
ويستمرّ في إلقاء الدّروس إلى قبيل الظّهر وبعدها يذهب إلى بيته، وله بعد الظّهر درس، وبعد العصر درس، وبعد العشاء درس. رحلاته في طلب ونشر العلم:
له رحلات كثيرة في طلب العلم ونشره، فقد سافر إلى إستانبول وحمص وحماه وحلب وبيروت وطرابلس والقدس وبغداد، وجاور بمصر أربع سنوات، وزار الحجاز وكان يجلس في الحرم المكي الشّريف ويلتفّ حوله العلماء والطلّاب طلباً للإفادة ومنها الإجازة، فروى عنه بالحجاز جماعة من الأكابر منهم السّيد محمّد أمين كتبي والسّيد علوي المالكي.
سنده في الحديث:
قال الشّيخ أبو الخير الميداني رحمه الله:
أمّا بعد فإني بفضل الله تعالى أروي صحيح البخاري عن شيخي الشيخ سليم المسوتي المتوفى/1324هـ، وهو يرويه عن شيخه
علامة المنقول والمعقول الشّيخ أحمد مسلم الكزبري المتوفّى /1299هـ، عن شيخه ووالده محدّث الدّيار الشّاميّة الشّيخ عبد
الرّحمن الكزبري المتوفّى في مكة /1262هـ عن شيخه ووالده عبد الرّحمن الكزبري الكبير المتوفّى / 1185هـ، عن شيخه
الشّيخ عبد الغني النّابلسي المتوفّى /1143هـ، عن شيخه الشّيخ محمّد نجم الدّين الغزِّي المتوفّى / 1061هـ، عن شيخه ووالده
بدر الدين محمّد الغزِّي المتوفّى/ 984هـ، عن شيخه شيخ الإسلام القاضي زكريا الأنصاري المتوفّى / 926هـ، عن شيخه خاتمة
الحفّاظ الشّيخ أحمد ابن حَجَر العَسْقلاني المتوفّى /852هـ، عن شيخ الشّيخ إبراهيم بن أحمد التّنوخي البعلي المتوفّى /800هـ،
عن شيخه مسند الدّنيا المشهور بابن الشّحنة الشّيخ أحمد ابن طالب الحجّار الدّير مقرني المتوفّى/730هـ، عن شيخه حسين بن
المبارك الزبيدي المتوفى /631هـ، عن شيخه الشيخ أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السِّجْزِيُّ الْهَرَوِيُّ الصُّوفِيُّ المتوفّى
/553هـ، عن شيخه الشّيخ عبد الرّحمن الدّاودي المتوفّى/ 467هـ، عن شيخه أبي محمّد الشّيخ عبد الله بن أحمد بن حمويه
الحموي السّرخسي المتوفى /381هـ، عن شيخه الشّيخ عبد الله بن يوسف بن مطر الفِرَبري المتوفّى/320هـ، عن مؤلّفه أمير
المؤمنين في الحديث أبي عبد الله محمّد بن إسماعيل البخاري الْجُعْفِيِّ المتوفّى /256هـ
وفاته:
كانت وفاته رحمه الله في داره الكائنة في حي العقيبة، ليلة السّابع عشر من رمضان 1380هـ الموافق 4 أذار 1961 وصلّى عليه إماماً الشّيخ محمود الرّنكوسي في جامع بني أميّة الكبير، وحضر الصّلاة عليه علماء دمشق، وكثير من علماء المحافظات السّورية والأقطار المجاورة.
المراجع:
-
القضاء الربّاني للشّيخ محمود بعيون الرنكوسي رحمه الله تعالى.
-
تاريخ علماء دمشق